تحركت الخارجية بشكل إيجابي جداً بعد الإعلان عن فيلم (إعدام فرعون) وألغت مصر المباراة الودية لكرة القدم بينها وبين إيران!!
وكتبت الصحف الحكومية الكثير من المقالات الرافضة لما تقوم به إيران، وصرح رئيس الوزراء بأن العلاقات بين البلدين ليست علي ما يرام، وتبادلت قطر وإيران الاتهامات بدعوي أن قناة الجزيرة هي المنتجة للفيلم..
كل هذا جيد، ولكن منذ حوالي عام تقريباً أذاع التليفزيون الإسرائيلي فيلم (روح شاكيد)، الذي يصور ويحكي عن قتل الجنود المصريين في حرب ٧٦، نعم ثارت الدنيا قليلاً وكتبت الصحف في هذا الموضوع، لأن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم،
ولكن سرعان ما انتهي الأمر وكأن شيئاً لم يكن!! ولم يصرح رئيس الوزراء أن العلاقات بين البلدين ليست علي ما يرام، بل بالعكس كافأنا إسرائيل بإمدادها بالغاز!! أنا لا أنتقد ردود الفعل الغاضبة من فيلم (إعدام فرعون)..
ولكن كيف نكيل بمكيالين في حقوقنا ونهدر دماء أبنائنا الشهداء؟.. هل عانينا أكثر من إسرائيل أم من إيران؟.. أنا أشك أن يكون توتر العلاقات مع إيران بسبب الفيلم، أو بسبب ميدان الإسلامبولي، إنما هي سياسة تفرض علينا!
هل هذا قدر الشيوخ؟
ولأننا مازلنا نقسو علي آبائنا ولا نقدم لهم العون اللازم، ولأن الله توعد من يعق والديه، ورسولنا قال: ليس منا من لم يوقر كبيرنا، فإننا ننتظر وعد الله وعقابه نار محرقة،
وفقر مدقع، وآمال تتهدم، ولأن الله كريم ورحيم وتواب فما زالت أبواب الرحمة مفتوحة، ومازالت يد الله الحانية تمتد لنا لتضعنا علي الطريق الصحيح فقط لنتوقف عن القسوة علي آباؤنا وأمهاتنا ونرعاهم، مثلما اعتنوا بنا ونحن صغار ضعفاء،
آباءنا الذين هم علي المعاش الآن كانوا منذ سنوات قليلة ملء السمع والبصر.. كنا ننحني لهم تقديراً واحتراماً وأيضاً تملقاً، كنا نخشي غضبهم ونهابهم، كنا نعمل لهم ألف حساب، والآن أحني الزمن ظهورهم، وكلت أبصارهم، وضعفت أسماعهم، وأصبحوا يحتاجون لمساعدتنا، ولكنهم بكبريائهم القديم يرفضون طلب المساعدة،
يعتمدون علي أن لنا قلوباً تشعر، وأحاسيساً تقدر، ولكننا قساة نتجاهل أيديهم التي كلت من الكفاح من أجلنا، ونتجاهل أعينهم التي سهرت من أجل راحتنا، ونمضي مشغولين بمصالحنا وأشغالنا، ويسقطون من ذاكرتنا، وتسقط معهم كل الأشياء الجميلة التي فعلوها من أجلنا!
أليس من الأفضل أن نتوجه إليهم نحتويهم نرعاهم نقدم لهم معاشاتهم في بيوتهم بدلاً من طوابير الضعفاء الممتدة أمام مكاتب البريد، معلنة عن ظلمنا وجبروتنا؟، هل هذا قدر الشيوخ؟،
هل هم خيل سباق أصابها الوهن فقررنا إعدامها بتجاهلنا وإهمالنا؟، إن كان هذا قدر الشيوخ في بلادنا، وإن كانت هذه معاملتنا لآبائنا فثق أن عدالة الله أبت إلا أن يسقينا أبناؤنا من نفس الكأس؟، فاتقوا الله وارحموا أنفسكم من تجرع كأس الجحود ونكران الجميل فهي أشد مرارة من العلقم!!