لم أكن
أتصور حجم المأساة التى يعيشها قطاع غزة الآن بسبب الحصار الإسرائيلى له
حتى بدأت البحث فى هذا الموضوع، فهالنى ما وصل إلى من نتائج قاسية ومؤلمة،
لا أفهم كيف نصمت إزاءها دون أن نحرك ساكنا، رغم أنها ترتكب على بعد أمتار
منا؟ هى جريمة إبادة مكتملة الأركان فى حق الشعب الفلسطينى فى غزة تنفذ
يوميا على مرأى ومسمع من العالم بأسره ولكن مع سيل من التبريرات.
الحصار
الإسرائيلى لغزة هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات غير العادية اتخذتها
إسرائيل ضد سكان القطاع، وأول هذه الإجراءات هو غلق المعابر الستة التى
تربط غزة بإسرائيل ويبقى المعبر السابع والأخير الذى يربط قطاع غزة
بالعالم الخارجى ولكن عن طريق مصر وهو معبر رفح والذى أغلقته إسرائيل
عمليا بعد سيطرة حماس على القطاع وانسحاب مراقبى الاتحاد الأوروبى، وصارت
مصر فى موقف يكاد يستحيل معه أن تفتح المعبر من جانب واحد دون موافقة
الجانب الآخر عمليا وهو إسرائيل، الأمر الذى أدى إلى غلق جميع المعابر
السبعة التى تربط قطاع غزة بالعالم فصارت كسجن كبير داخل إسرائيل.
جريمة
الابادة الجماعية قد ترتكب بعدة وسائل منها ارتكاب المذابح لقتل السكان،
أو القيام بأعمال إبادة مثل منع الإنجاب الإجبارى أو نقل الأطفال
بعيدا..الخ وذلك بقصد إفناء هذه الجماعة البشرية ولو بصورة جزئية، ولكن من
بين هذه الوسائل كلها هناك وسيلة واحدة تكاد تنطبق حرفيا على حالة حصار
غزة، وهذه الوسيلة أوردتها اتفاقية الإبادة واتفاقية المحكمة الجنائية
الدولية (اتفاقية روما) وهى ما ورد بالفقرة ج من المادة التى تعرف الإبادة
فى كلتا الاتفاقيتين وهذه الوسيلة هى الابادة عن طريق: «إخضاع الجماعة
المستهدفة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلى كليا أو جزئيا».
وإذا كان الأمر كذلك فما العمل إذن من الناحية القانونية على الأقل للتصدى لهذه الجريمة؟