هو ينتظر حكم الإعدام، لقد حكم عليه بالموت
لا مفر.. لن يستطيع الهرب، هو حكم أبدى وصارم لا أمل فى العفو ولا فى
التراجع عن هذا القرار أبداً.. ينتظر الحكم قلقاً مرتاعاً وخائفاً..
تنتابه نوبات من اليأس والأسى والنسيان.. ولكن هكذا حكم القدر.. لا يدرى
متى ستنتهى حياته.. إنه ينتظر.. يقلق.. يخاف.. يحاول أن ينسى أو يتناسى
يظن أن موعد التنفيذ مازال بعيداً، ولكنه يخشى أيضاً أن يتم التنفيذ اليوم
أو الغد.. نحن هذا الرجل!يأتى
أحدنا للحياة وقد حكم عليه بالموت بالفناء لا مهرب من هذا القدر.. كل يوم
يمر بنا يقربنا من تلك النهاية الحتمية.. الموت.. لا ندرى متى يتم تنفيذ
هذا الحكم.. ولكننا نحلم أن يطول الأمد بنا فى هذه الدنيا التى نتمسك بها
لا حباً فيها ولكن خوفاً من المجهول.أعلم
جيداً وتعلمون أنه بعد مائة عام على الأكثر لن يكون أحد منا هنا.. مائة
عام سنكون جميعاً فى العالم الآخر.. السنوات تجرى سراعاً والعمر حصان
جامح.. فى سنوات عمرك ستجد حبات عقد الأحبة تنفلت الواحدة تلو الأخرى!..
ستشعر بالموت يقترب منك يأخذ منك الأصدقاء والأقارب... كلما مات أحدهم مات
جزء فيك.. انتبهوا أيها السادة نحن لا نموت فجأة نحن نموت جزئياً.. اليوم
يموت جزء منك ولكننا ندفن مرة واحدة.ماذا
نفعل فى ذلك القدر؟ وكيف نلتذ بحياة تلك نهايتها؟ ما تلك الخيوط التى
تربطنا بالعالم ونحن أصلاً سنغادره اليوم أو غداً؟ كيف تتحملون الحياة وكل
منا مرتبط بورقة شجر فى السماء قد تسقط اليوم أو غداً؟ حينما أرى الناس
يبتسمون ويضحكون.. يتقاتلون ويتصارعون أتعجب ألا يعلم هؤلاء أن الموت
قادم؟ لماذا هم ليسوا قلقين مثلى؟ لماذا لا يخافون مما أخاف منه؟هل
يمكنهم تجاهل الموت الذى من المحتم أنه قد اقتنص أحد أقاربهم، أصدقائهم،
جيرانهم، أم أنهم يظنون أنهم بمنأى عن كل ذلك؟ كم أتمنى لو يخبرنى أحدكم
ما الذى يعنى له الموت؟ حينما أرى الناس يعيشون حياتهم هكذا بلا قلق ولا
خوف أتعجب: أهم لا يعلمون ما أعلم؟ قطعاً يعلمون ولكن ما هى الصيغة التى
تعاملوا بها مع الموت؟ ما هى الطريقة التى تواجه بها خوفك من الموت؟؟